عدد الرسائل : 739 العمر : 34 الحلو ساكن فى : حلوانى مزاجى : الهوايات : انترنت ليل ونهار علم بلدك : نشاط العضو : تاريخ التسجيل : 06/04/2007
موضوع: تركيا والكورد مشكله ثلاثية الابعاد 22.12.07 11:29
بالرغم من أن الأزمة الحادة التي إفتعلتها الحكومة التركية مؤخرا على حدودها مع أقليم كوردستان العراق قد خفت وطأتها قليلا، وإن تهديدها المتواصل بإجتياح أراضي الأقليم بحجة القضاء على مسلحي حزب العمال الكوردستاني بات مجردا من أي معنى أو أية قيمة، بل أصبح كالعزف على ناي مكسور أو وتر مقطوع، لايخرج عنه سوى لحن نشاز لايرغب أحد في الإستماع اليه. وبالرغم من أن اللغة التي يستعملها الساسة الأتراك قد إبتعدت نوعا ما عن صيغة التهديد والوعيد، إلا أنها لم تجنح كليا الى لغة السلام ومنطق الحوار. لذلك علينا أن لانخطئ ونتوهم بأن فتيل الأزمة قد إنتزع، وإن شرارتها قد خمدت. فالنار لازالت تحت الرماد وعوامل الخطورة لازالت قائمة تكمن في ثلاث نقاط رئيسية هي: أولا: وجود شعب كوردي تعداده أكثر من عشرين مليون محروم من أبسط حقوقه القومية يعيش على أرضه جنوب تركيا منذ آلآف السنين، وإصرار هذا الشعب على النضال الدؤوب من أجل نيل هذه الحقوق. ثانيا: وجود أقليم كوردستان الفدرالي الذي يتمتع بالهدوء والإستقرار، والذي يشهد حالة متسارعة من التقدم والتطور والنمو في كافة المجالات، ويسابق الزمن بخطى سريعة وراسخة من أجل تأسيس البنية التحتية المتكاملة لدولة كوردية بدأت بوادرها تلوح في الأفق المنظور، وما يمكن أن تشكله هذه الدولة من خطورة على الأوضاع السياسية في تركيا خاصة في مجال تعاملها مع شعوبها وفي مقدمتها الشعب الكوردي، وأيضا ما يمكن أن تشكله من دعم معنوي وحافز نضالي يدفع الكورد الى المطالبة بحقوقهم القومية. ثالثا: إنغلاق العقلية التركية السياسية على مفاهيم قديمة لا تتماشى كليا مع المبادئ الديمقراطية التي يؤمن ويعمل بها المجتمع الدولي في عصرنا هذا، وعدم إعترافه بالحقوق السياسية والثقافية للشعب الكوردي، بل ونظرته الفوقية والتسلطية الى كل ما هو غير تركي. إذا هناك معادلة ثلاثية الأبعاد تقوم عليها المشكلة التركية الكوردية لابد من دراستها وتحليلها وفق أسس حضارية وديمقراطية تستند على العقل والمنطق، للوصول الى إيجاد حلول إيجابية ترضي جميع الأطراف وتحفظ حقوقها ومصالحها. هنا أود أن أطرح بعض الأسئلة حول هذه النقاط الثلاث، وبأسلوب بسيط وأتوجه بها الى القارئ الكريم والى كل من يهمه الأمر، وأيضا الى القادة والسياسيين الأتراك. ــ هل بالإمكان القضاء على الشعب الكوردي في تركيا؟ أو هل بالإمكان تهميشه أو إلغائه من الخارطة الجغرافية والسياسية؟ وهل يمكن تجاهل حقوقه القومية، والى متى؟ ــ هل بالإمكان إعادة عجلة التأريخ الى الوراء وإيقاف عملية التطور والنمو في أقليم كوردستان الفدرالي والقضاء على تجربته السياسية والديمقراطية الناجحة؟ والتي أصبحت مثار إعجاب وإحترام المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة والإتحاد والبرلمان الأوربيين، وكلها جهات فاعلة ومؤثرة وصانعة للقرارات الدولية. وهل بالإمكان أو من السهولة بمكان إلغاء الفدرالية وتجريد الشعب الكوردي في أقليم كوردستان من حريته وسيادته وحقوقه القومية والقانونية والسياسية التي إكتسبها نتيجة لنضاله الطويل وتضحياته الجسام؟ والتي أقرها دستور العراق الجديد وصادق عليها البرلمان الذي يمثل إرادة الشعب العراقي بكل أطيافه ومكوناته القومية والأثنية. ــ هل بالإمكان تغيير العقلية التركية السياسية من عقلية طورانية متخلفة الى عقلية ليبرالية ديمقراطية متفتحة تتعامل بإحترام وشفافية مع شعوبها وتعترف بحقوقهم القومية؟ أعتقد بأنه لاأحد سيختلف معي في القول بأن { لا } كبيرة ومدوية هي الإجابة الصحيحة على الأسئلة المتعلقة بحقيقة التواجد الكوردي الكثيف والعريق في تركيا، وإستحالة القضاء على إرادته أو إبقائه في حالة الحرمان والتهميش. وأيضا { لا } كبيرة وملغومة ويمكن أن تنفجر في وجه الأعداء هي الإجابة القوية والصرخة المدوية ضد أية محاولة من أية جهة كانت للنيل من سيادة وسلامة وأمن أقليم كوردستان العراق أرضا وشعبا. ما يمكن الإجابة عليه بنعم وفيه يكمن الحل هو فقط البعد الثالث من المعادلة {المشكلة} والذي هو إمكانية تغيير الموقف والعقلية التركية والإرتقاء بها الى حالة متحضرة يمكنها أن تتعامل مع متغيرات العصر بشفافية والتزام ومسؤولية، خاصة في مجال حقوق الإنسان والقوميات، وبما أن القومية الكوردية تأتي في المرتبة الثانية بعد التركية، وإن العالم يعيش مرحلة التحرر والديمقراطية والإعتراف بالحقوق القومية للشعوب والأقليات، لذلك فإن أية خطوة إيجابية تقدم عليها تركيا في هذا الإتجاه ستكون موضع إحترام وتقدير الشعب الكوردي والمجتمع الدولي، وسوف تكون الخطوة الأولى الصحيحة على طريق حل القضية الكوردية وإنهاء حالة الصراع المسلح القائم في جنوب تركيا وإستقرار الأوضاع الأمنية والسياسية وصولا الى حالة من التعايش السلمي والأخوي بين الشعبين التركي والكوردي، وهذا بالتأكيد سيؤدي الى إختزال وتقريب المسافة التي تفصلها عن الإنضمام الى عضوية الإتحاد الأوربي. لكن هل تستطيع الحكومة التركية القيام بمثل هذه القفزة النوعية في طريقة التفكير والسلوك والإبتعاد عن الغرور القومي ؟ أنا شخصيا لا أرى أية بادرة مشجعة في الأفق، لذلك أستطيع القول بأني أشك بأن الساسة الأتراك لديهم الرغبة في تحقيق هذا الأمر. لأني بصراحة أرى بأن الديمقراطية والعقلية التركية ضدان يسيران بإتجاهين متوازيين لن يلتقيا في نقطة واحدة، الحكومة التركية تعلم جيدا بأن ما أرادت القيام به من عمل عسكري هو إنتهاك صريح وخرق فاضح للقوانين والأعراف الدولية، لذلك بذلت جهودا إعلامية ودبلوماسية كبيرة للحصول على تأييد دولي للقيام بإعتداء على أراضي أقليم كوردستان، ولأضفاء ولو قدر ضئيل من الشرعية على مشروع قرارها العدواني، لكنها لم تتمكن من تحقيق أي نجاح يذكر ولم يقف الى جانبها سوى النظام السوري الداعم للإرهاب والمعروف بعدائه للشعب الكوردي، ومن جهة أخرى تفاجأت بأن جهودها تبعثرت وإصطدمت بحقيقة ربما كانت غائبة عن ذهنيتها، وهي مدى إتساع العلاقات السياسية والدبلوماسية والإقتصادية التي كونتها حكومة أقليم كوردستان مع دول العالم، ومدى الإحترام والمصداقية التي باتت تتمتع بها لدى المجتمع الدولي، الذي أبدى حرصه على الإبقاء على أقليم كوردستان كحديقة جميلة تنعم بالأمان والإستقرار وسط منطقة ملتهبة. لذلك فإن ما نشهده من إنخفاض في درجة حرارة الأزمة، وإبتعادها قليلا عن المسار الخاطئ الذي خطط له البعض، ليس مرده الى تغيير في السياسة التركية تجاه القضية الكوردية، أو تجاه حكومة وشعب أقليم كوردستان العراق، أو إكتشافها المتأخر بان حزب العمال الكوردستاني لايمثل جوهر المشكلة. بل يعود السبب الرئيسي الى الضغوط الدولية الكبيرة التي مورست على الحكومة التركية، والنصائح الكثيرة التي قدمت لها من أطراف دولية صديقة ومحايدة، محذرة إياها من مغبة النتائج الكارثية والإنعكاسات السلبية على حالة الأمن والإستقرار في المنطقة التي ستنجم عن القيام بأي هجوم أو توغل داخل أراضي أقليم كوردستان، وقد كان للزيارة التي قامت بها السيدة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية الى تركيا ولقائها بالمسؤولين هناك، كذلك الزيارة التي قام بها السيد أردوغان الى أمريكا ولقائه مع الرئيس الأمريكي جورج بوش، الأثر الواضح والكبير على إنحراف بوصلة الأزمة عن الإتجاه الخطير الذي كانت الإستعدادات العسكرية والسياسية تسير بإتجاهه، فقد تابعا بجدية وإهتمام التطورات الأمنية والعسكرية على الحدود بين تركيا وأقليم كوردستان، وأكدا بوضوح بأن أمريكا لن تسمح لأية أسباب أو عوامل خارجية بأن تؤثر على حالة الهدوء والإستقرار في أقليم كوردستان، كما عبر عن ذلك السيد جيسي بيلي منسق شؤون أقليم كوردستان نائب رئيس فريق إعمار الأقاليم، الذي زار كوردستان مؤخرا وإلتقى بالمسؤولين في حكومة الأقليم. أتمنى أن تدرك الحكومة التركية بأن العالم الحر يقف دائما الى جانب الأصوات الداعية الى السلام والنابذة للعنف، وقد كان صوت حكومة أقليم كوردستان وعلى لسان السيد مسعود بارزاني رئيس الأقليم عاليا ومدويا يدعو الى الحوار والسلام بدلا من طبول الحرب التي تقرعها تركيا، وقد أكد سيادته في كل مناسبة بأن مقاتلي حزب العمال الكوردستاني المتواجدين داخل أراضي الأقليم هم خارج سيطرة حكومة الأقليم، حيث يتواجدون في مناطق جبلية وعرة وخالية من السكان يصعب الوصول اليها، بل ذهب الى أبعد من ذلك حيث أدان العمليات الأخيرة التي أدت إلى قتل بعض الجنود الأتراك وأوضح بأن مثل هذه الأعمال لاتؤدي الى حل الأزمة ولا تساعد الشعب الكوردي على تحقيق طموحاته، بل تعمل على تأجيجها وتعقيدها، وأعرب عن أمله بأن يتخلى حزب العمال الكوردستاني عن السلاح ويبتعد عن إنتهاج السلوك العسكري، وأن يحول نضاله الى العمل السياسي السلمي. ثم أمر بإغلاق مقرات الأحزاب الكوردية التي تؤيد حزب العمال الكوردستاني، وتمكنت الحكومة الكوردية بعد مفاوضات ناجحة مع حزب العمال الكوردستاني من إستعادة الجنود الأتراك الثمانية الذين أسرهم مقاتلوا الحزب، وإعادتهم سالمين الى الجانب التركي، وبذلك فقد أوفت حكومة أقليم كوردستان بكل ما تقدر عليه من إلتزامات سياسية وأخلاقية لإحتواء الأزمة ووضع نهاية سلمية لها. المطلوب من الحكومة التركية أن تدرك بأن هذه الأزمة ماهي إلا جزءأ بسيطا من مشكلة أكبر وأكثر تعقيدا، وهي قضية الشعب الكوردي ونضاله الطويل من أجل نيل حقوقه القومية المشروعة، لذلك عليها أن تتقدم بخطوات سياسية إيجابية بإتجاه حل المسألة الكوردية داخل الأراضي التركية وليس خارجها، أما فيما يتعلق بالأزمة القائمة على حدودها مع أقليم كوردستان، فالطريق الوحيد لحلحلتها وإنتزاع فتيلها هو تجاوز عقدة التعالي والغرور القومي والإنصياع الى صوت العقل والتحدث بلغة السلام، والجلوس الى طاولة المفاوضات مع ممثلي حكومة أقليم كوردستان مباشرة، أو حتى بمشاركة أطراف عراقية أو محلية أو عالمية. أخيرا لا أضيف جديدا إن قلت بأن الشعب الكوردي الذي يحمل في يده غصن الزيتون، ويرغب في إقامة أفضل العلاقات مع الجارة تركيا، مبنية على الإحترام المتبادل والتعاون المشترك في كل المجالات، قادر وبنفس اليد على حمل أحدث أنواع الأسلحة وإستخدامها بكفاءة عالية إذا تطلب الواجب القومي ذلك، بالإضافة الى سلاح الإيمان بعدالة قضيته وقدسية أراضيه، وسيقف صفا واحدا متماسكا شعبا وحكومة خلف قيادته المتمثلة بالرئيس مسعود بارزاني، ربان السفينة الكوردية، رجل المبادئ والسلام والمصالحة وصمام الأمان ليس في كوردستان فقط بل في العراق والمنطقة، والرجل الحكيم والشجاع كما وصفه الرئيس الأمريكي جورج بوش حين إستقبله في البيت الأبيض بملابسه الكوردية الجميلة في أكتوبر تشرين أول سنة 2005 ، لكننا نأمل بأن تسير الأمور في الإتجاه الصحيح وتتطور لصالح السلام والإستقرار